فمنهم مؤمن ﴿ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ بالذنوب، والتفريط في المأمورات و ﴿مُقْتَصِدٌ﴾ وهو من اقتصر على أداء الفروض والواجبات تائب إلى الله من الذنوب، و ﴿سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ مقرب إلى ربه بالنوافل وهذا في المرتبة العليا، وكلاً وعد الله الحسنى (١). قال ابن تيمية ﵀:"فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه، والمقتصد هو المؤمن المطلق الذي أدى الواجب وترك المحرم، والسابق بالخيرات هو المحسن الذي عبد الله كأنه يراه"(٢).
فالظالم لنفسه من هؤلاء تحت المشيئة وقد يُؤخَر قبوله حتى يصفو من الخبث وقد فُصّل ذلك في مؤخرات القبول (٣).
واصطفاء الله للعباد يتفاوت في درجاته كتفاوت السموات والأرض بدءًا من اصطفاء النجاة من الخلود في النار إلى اصطفاء مريم ﵍ في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢﴾ [آل عمران: ٤٢]. وأعلى من ذلك اصطفاء الأنبياء. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٣﴾ [آل عمران: ٣٣].
(١) ينظر الإيمان لابن تيمية ص: ١١. (٢) ينظر المصدر السابق ص: ٢٨١. (٣) ينظر مطلب مؤخرات القبول في هذا الكتاب ص: ١٢٢