أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ [النحل: ٦٢](١) فهم مع تفريطهم في حق الله يقطعون بأن لهم الجنة فردّ الله عليهم بأن لهم النار مآلهم ومآل أمثالهم من المفرطين.
وذكر تألي صاحب الجنة فقال: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ [الكهف: ٣٦].
عن ضمضم اليمامي (٢) قال: " قال لي أَبو هُرَيْرَةَ: يا يَمامِيُّ، لا تَقولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللهِ لا يَغْفِرُ اللهُ لك، أو لا يُدْخِلُكَ اللهُ الجَنَّة أَبَدًا. قلتُ: يا أَبا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَذِهِ لكَلِمَةٌ يَقولُها أَحَدُنا لأَخيهِ وَصاحِبِهِ إِذا غَضِبَ. قال: فَلا تَقُلْها، فإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقولُ: (كان في بني إِسْرَائيلَ رَجُلانِ، كان أَحَدُهُما مُجْتَهِدًا في الْعِبادَةِ، وكانَ الآخَرُ مُسْرِفًا على نَفْسِهِ، فكانا مُتَآخِيَيْنِ، فكان المجتهِدُ لا يزالُ يَرى الآخَرَ على ذَنْبٍ، فَيَقولُ: يا هَذا، أَقْصِرْ. فَيَقولُ: خَلِّني وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عليَّ رَقيبًا؟ قَالَ: إِلى أَنْ رَآهُ يَوْمًا على ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فقالَ لهُ: وَيْحَكَ، أَقْصِرْ. قال:
(١) وَفِي الْحسنى قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا البنون أي جعلوا لهم البنون والبنات لله، وَالْآخر: أَنَّهَا الْجنَّة أي قطعوا وجزموا بأن مآلهم إليها ينظر تفسير السمعاني (٣/ ١٨٢). (٢) هو ضمضم بن الحارث بن جوس الهفاني اليمامي، رَوَى عَنْ: عَبد اللَّهِ بْن حنظلة بن الراهب الأَنْصارِيّ. وأبي هُرَيْرة ﵁، وغيرهم قال صالح بن أحمد بن حنبل، عَنْ أبيه: ليس بِهِ بأس. وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب "الثقات" ينظر تهذيب الكمال (١٣/ ٣٢٣).