هذا كلامه ﷺ، أخبر أنه قد بين ووضح وبلغ، فهل يُعقل أنه ترك هذا الباب ولم يوضح ما يجب فيه ولم يبين ما يجب اعتقاده فيه؟ هذا محال، وأصحابه ﷺ شهدوا بأن النبي ﷺ قد علمهم وبلغهم وأفهمهم أمور دينهم حتى يقول أبو ذر:"لَقَدْ تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ ﷺ، وَمَا يُحَرِّكُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا "(٢) بمعنى أن النبي ﷺ كان يبين لهم كل شيء.
وقال عمر:"قَامَ فينا رسولُ اللَّهِ ﷺ-مَقَاما، فَأخبَرَنَا عنْ بَدءِ الخَلقِ حتى دَخَلَ أهلُ الجنةِ مَنَازِلَهُم، وأهلُ النَّارِ منازِلَهم "(٣) أي تحدث من بدء الخليقة إلى دخول الناس إلى الجنة وإلى النار. "حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ".
ويقول الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين "ت: ٣٩٩ هـ": "اعلم رحمك الله أن السنة دليل القرآن، وأنها لا تدرك بالقياس، ولا تؤخذ بالعقول، وإنما
(١) انظر صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ الْأَمْرِ بالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الْخُلَفَاءِ، الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، برقم (١٨٤٤)، وابن ماجه (٣٩٥٦)، والنسائي (٤١٩١)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٦٧٩٣). (٢) انظر مسند الإمام أحمد مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ برقم (٢١٣٦١)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في حاشية المسند الجزء (٣٥) صفحة (٢٩٠): حديث حسن. (٣) انظر صحيح البخاري كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، برقم (٣١٩٢).