الأمر الأول: أمرٌ مبتدَع في أمور الدنيا كالمخترَعات التي يخترعها البشر في مصالحِ دنياهم.
والأمرُ الثاني: الأمر المبتَدع في أمر الدين.
فما يتعلق بأمرِ مصالح الناس من مخترَعاتهم كوسائلِ تنقلاتهم وما يتعلق بمساكنهم، وما يتعلق بأدواتهم ونحو ذلك؛ فهذا لا شأنَ له بهذا الأمر، وإنما الكلامُ هنا عن الابتداعِ في الدين.
ومعلومٌ أن الابتداعَ في الدين أمرٌ محرَّم، والنبي ﷺ حذرنا وقال:«وإياكم ومحدَثات الأمور فإن كل محدَثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة»(١) فما استثنى النبي ﷺ شيئاً من البدع، ولا حجةَ لقائلٍ في قول عمر ﵁ في شأنِ التراويح:"نعمتُ البدعةُ هي"(٢).
فالتراويح لم تكن أمراً على غيرِ مثالٍ سابق فقد صلى النبي ﷺ بأصحابه التراويح ولكن النبي ﷺ رأفةً ورحمةً بأمته لم يستمر بهم خشيةَ أن تُفرَضَ عليهم، فالتراويح لم تكن أمراً مبتدَعاً من الناحية الشرعية واستعمال عمر لهذه اللفظة إنما هو استعمالٌ من حيث المعنى اللغوي لا أكثر (٣).
(١) انظر: مسند الإمام أحمد، مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية ﵁، حديث رقم ١٦٨١٣، وقال الشيخ الألباني حديث صحيح في السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم ٢٧٣٥/ ٥٢٦. (٢) انظر: موطأ مالك، كتاب الصلاة في رمضان، باب: ما جاء في قيام رمضان، حديث رقم ٢٤٩ وأخرجه البخاري بلفظ نعم البدعة هذه، في كتاب التراويح، باب من قام رمضان، برقم ١٨٨٠. (٣) انظر الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٢/ ٩٢)، والشاطبي في الاعتصام (١/ ٢٥٠).