في سريره في بيته، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه. فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه، فقال أبوبكر: إني سمعت رسول الله-ﷺ-يقول:(ما قُبض نبي إلا دُفن حيثُ يقبض)، فرفع فراش رسول الله-ﷺ-الذي تُوفي عليه، فحُفر له تحته، ثم دخل الناس على رسول الله-ﷺ-يصلّون عليه أرسالاً، دخل الرجال حتى إذا فرغوا أُدخل النساء حتى إذا فرغ النساء أُدخل الصبيان، ولم يؤم الناسَ على رسول الله-ﷺ-أحد) (١).
المسألة الثانية: شبهة هل دُفن النبي-ﷺ-في مسجده الشريف؟
فالجواب: أن هذا وإن كان هو المشاهد اليوم، فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة-﵃، فإنه لما مات-ﷺ، دفنوه في حجرة عائشة التي كانت بجانب مسجده، وكان يفصل بينهما جدار فيه باب، كان-ﷺ-يخرج منه إلى المسجد، وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء ولا خلاف في ذلك بينهم، والصحابة-﵃-حينما دفنوه-ﷺ-في الحجرة، إنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجداً، لقوله-﵊-من حديث عائشة-﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ-في مرضه الذي لم يقم منه:(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). قالت: فلولا ذاك أُبرز قبره غير أنه خشي أن يُتخذ مسجداً) (٢)
(١) تاريخ الطبري (٣/ ٢١٣). (٢) البخاري، الفتح، (٣/ ١٥٦) رقم (١٣٣٠) كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد قبوراً.