مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الإسراء الآية: ٧٩]، المقام المحمود هو شفاعته ﷺ في المذنبين من أمته، ولا أعلم في هذا مخالفاً إلا شيئاً رويته عن مجاهد، وقد روي عنه خلافه على ما عليه الجماعة فصار إجماعاً منهم والحمد لله". (١)
الشفاعة الثانية هي: لمن يصبر على لأواء المدينة (٢) وشدتها:
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في الترغيب في الصبر على لأواء المدينة وشدتها وأن ذلك من موجبات شفاعته ﷺ فمنها:
• عن ابن عمر ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من صبر على لأوائها (٣) وشدتها كنت له شفيعاً
(١) الاستذكار لابن عبد البر ٢/ ٥٢٠، وانظر: نظم المتناثر للكتاني ص ٢٣٥. (٢) للمدينة النبوية مكانة كبيرة، فهي مهاجر النبي ﷺ، ومهبط الوحي، ومأرز الإيمان، وهي: سيدة البلدان، وعاصمة الإسلام، ودار السلام، وقد اختارها الله ﷾ لنبيه ﷺ دار هجرة ومقام، فعلى المسلم أن يختارها لنفسه ويتقيد فيها بشرع الله ﷿ وبالآداب الشرعية، والأخلاق الحميدة، وليحذر كل الحذر من المخالفات فيها وفي غيرها، وقد خص النبي ﷺ من يصبر على لأوائها وشدتها بشفاعة، وكذلك خص من يموت فيها بشفاعة. (٣) قال الزرقاني: قال المازري: " «اللأواء» الجوع وشدة المكسب، وضمير شدتها يحتمل أن يعود على اللأواء، ويحتمل أن يعود على المدينة. قال الأبي: الحديث خرج مخرج الحث على سكناها، فمن لزم سكناها داخل في ذلك، ولو لم تلحقه لأواء، لأن التعليل بالغالب والمظنة لا يضر فيه التخلف في بعض الصور كتعليل القصر بمشقة السفر فإن الملك يقصر وإن لم تلحقه مشقة لوجود السفر". شرح الزرقاني على الموطأ ٤/ ٢٧٣.