"وما أنكرت العلماء من [أهل السنة (١)] فهو منكر، واحذروا البدع كلها".
بعد أن بيَّن المصنِّف-رحمه الله تعالى-وجوبَ لزوم السنَّة، وأن طريقَ السنَّة هو لزومُ طريقِ أصحابِ النبي ﷺ، فمَن أرادَ الاستقامةَ على شرع الله ﷿ وعلى دينِ الإسلام فعليه بالتمسكِ بسنَّة النبي ﷺ وذلك إنما يكون بما كان عليه فهمُ السلفِ الصالح من الصحابةِ والتابعين وتابعي التابعين.
ذكرَ المصنِّف هنا ما يقابل السنَّة وهي البدعة، والبدعة في أصل اللغة: الشيء المبتدَع هو الشيء المخترَع على غيرِ أثرٍ سابق (٢)؛ أو على غير مثالٍ سابق، ومن هذا المعنى قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٩] فالنبي ﷺ لم يكن أولَّ الرسل وإنما قد كان من قبله عددٌ كبيرٌ من أنبياءِ الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم.
وهكذا قول الله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [البقرة: ١١٧] أي أن الله ﷿ خلقَ السماواتِ والأرض على غيرِ مثالٍ سابق، فهذا معنى البدعة في اللغة.
(١) في طبقات الحنابلة (من الشبهة) والتصويب من كتاب مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص: (٢٢٨) ومختصر الحجة (٢/ ٣٧٤). (٢) انظر الاعتصام للشاطبي (١/ ٣٦٧)