للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل القول على الله بلا علم فوق الشرك.

الثاني: أنه كذب على الله؛ قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [الزمر: ٦٠]؛ فهو متوعَّدٌ بأن يسودَّ وجهُه يوم القيامة، نعوذ بالله.

ومعنى افتراء الجهمية والمعتزلة هذا: أن الله لم يكن قبل ذلك متكلمًا، ثم تكلم، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

ومذهب أئمَّة الحديث والسنَّة: أن الله تعالى لم يَزل متكلِّمًا، إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، وهو يتكلَّمُ بصوت يُسمَع، وأن نوع الكلام قديم، وإن لم يكن الصوت المعين قديمًا.

وقد أثبت الله الكلام لنفسه، خلافًا لما يعتقده الضالون، فقال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، وكذلك أثبته لنفسه في الآخرة بعد دخول أهل الجنة؛ فعن جابر ، قال: قال رسول الله : «بَيْنا أهلُ الجنة في نعيم إذ سطَع لهم نور، فرفعوا أبصارهم، فإذا الربُّ قد أشرَف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة … »؛ الحديثَ (١).

وبوَّب البخاري في «صحيحه» على ذلك فقال: «باب كلام الرب مع


(١) أخرجه ابن ماجه (١٨٤)، وابن أبي الدنيا في «صفة الجنة» (٩٨) باختلاف يسير، والبزار كما في «مجمع الزوائد» للهيثمي (٧/ ١٠١) واللفظ له.

<<  <   >  >>