وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في الترغيب في الموت بالمدينة وأن ذلك من موجبات شفاعته ﷺ، ومنها:
• عن ابن عمر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بالمدينة (٢) فإني أشفع لمن يموت
(١) وقال ابن الملقن: "الشفاعة السابعة وهي الشفاعة لمن مات بالمدينة لما روى الترمذي وصححه عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن مات بها»، نبه على هذه والتي قبلها القاضي عياض في الإكمال. وفي صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رفعه «لا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة»، فهذه شفاعة أخرى خاصة بأهل المدينة، وكذلك الشهادة زائدة على شهادته للأمة، وقد قال ﵊ في شهداء أحد «أنا شهيد على هؤلاء» غاية السول في خصائص الرسول ﷺ لابن الملقن ص ٢٦٥) (٢) وقال المناوي: " «من استطاع» أي: قدر، «أن يموت بالمدينة» أي: أن يقيم فيها حتى يدركه الموت، «فليمت بها» أي: فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقا للمسبب على سببه كما في قوله: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [البقرة الآية: ١٣٢]، «فإني أشفع لمن يموت بها» أي: أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة، وأخذ منه حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها. وقال ابن الحاج: حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا". قال السمهودي: "وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفى بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك ويظهر أن من مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصاً" فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي ٦/ ٥٣ وقال المباركفوري: "قوله: «من استطاع» أي: قدر، «أن يموت بالمدينة» أي: يقيم بها حتى يدركه الموت ثمت، «فليمت بها» أي: فليقم بها حتى يموت فهو حث على لزوم الإقامة بها «فإني أشفع لمن يموت بها» أي: أخصه بشفاعتي غير العامة زيادة في إكرامه، قال الطيبي أمر له بالموت بها وليس ذلك من استطاعته بل هو إلى الله تعالى لكنه أمر بلزومها والإقامة بها بحيث لا يفارقها فيكون ذلك سببا لأن يموت فيها فأطلق المسبب وأراد السبب كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [البقرة الآية: ١٣٢] تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي للمباركفوري ١٠/ ٢٨٦.