وقال سفيان الثوري ﵀:"من سمع مبتدعاً لم ينفعه الله بما سمع، ومن صافحه فقد نقض الإسلام عروةً عروةً"(١).
قال الإمام مالك:"وكان يقال لا تُمكن زائغ القلب من أذنيك فإنك ما تدري ما يعلمك من ذلك"(٢).
ولتأصيل هذه المسألة يمكن استقراء جملة من الأسباب لذلك منها:
أولًا: أن لهذا التفريق بين المعصية له ما يدل عليه من السنة فقد أمر النبي ﷺ بقتال الخوارج المبتدعين مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم، ونهى عن الخروج على أئمة الظلم وأمر بالصبر عليهم.
وكان يجلد رجلا يشرب الخمر فلعنه رجل، فقال: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله.
ثانيًا: مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد من المعاصي ولذلك كانت أعظم المحرمات التي حرمها الله.
قال ابن القيم: "قال الله تعالى في المحرم لذاته (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال (والإثم والبغي بغير الحق) ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثمًا فإنه يتضمن الكذب على الله،
(١) الأمر بالاتباع، للسيوطي،) ص: ١٩). (٢) الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني ١/ ١١٩.