للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو شهيداً (١)


(١) قال القاضي عياض: "قوله: «كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة»، كذا جاء في هذا الكتاب قيل هو على الشك، ويبعد عندي، لأن هذا الحديث رواه نحو العشرة من أصحاب النبي بهذا اللفظ، ويبعد تطابقهم فيه على الشك، والأشبه أنه صحيح وأن أو للتقسيم، فيكون شهيداً لبعضهم، شفيعاً للآخرين، أما شهيداً لمن مات في حياته كما قال ، أما أنا شهيد على هؤلاء، وشفيعاً لمن مات بعده؛ أو شهيداً على المطيعين، شفيعاً للعاصين، وشهادته لهم بأنهم ماتوا على الإسلام ووفوا بما عاهدوا الله عليه. أو تكون أو بمعنى الواو فيختص أهل المدينة بمجموع الشهادة والشفاعة وغيرهم بمجرد الشفاعة، قال: وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعالمين في القيمة وعلى شهادته على جميع الأمة وقد قال في شهداء أحد «أنا شهيد على هؤلاء»، فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيد أو زيادة منزلة وحظوة.
قال: وقد يكون أو بمعنى الواو فيكون لأهل المدينة شفيعاً وشهيداً. قال: وقد روى: «إلا كنت له شهيداً أو له شفيعاً». قال وإذا جعلنا أو للشك كما قاله المشايخ فإن كانت اللفظة الصحيحة شهيداً اندفع الاعتراض لأنها زائدة على الشفاعة المدخرة المجردة لغيره، وإن كانت اللفظة الصحيحة شفيعاً فاختصاص أهل المدينة بهذا مع ما جاء من عمومها وادخارها لجميع الأمة أن هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي لإخراج أمته من النار ومعافاة بعضهم منها بشفاعته في القيامة، وتكون هذه الشفاعة لأهل المدينة بزيادة الدرجات، أو تخفيف الحساب، أو بما شاء الله من ذلك أو بإكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة كإيوائهم إلى ظل العرش، أو كونهم في روح وعلى منابر، أو الإسراع بهم إلى الجنة، أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون بعض والله أعلم".
مشارق الأنوار للقاضي عياض ٢/ ٢٥٨، وشرح النووي على صحيح مسلم ٩/ ١٣٦، والديباج على مسلم للسيوطي ٣/ ٤٠٧، وتحفة الأحوذي للمباركفوري ١٠/ ٢٨٧ ".

<<  <   >  >>