وقد أخبر تَعَالَى أَنه ﴿يحبُّ المُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ٧٦]، و ﴿يُحب المُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، و ﴿يُحب المقسطين﴾ [المائدة: ٤٢]، و ﴿يُحب التوابين ويُحب المتطهرين﴾ [البقرة: ٢٢٢]، و ﴿يُحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص﴾ [الصف: ٤]، وقَالَ: ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ ويُحِبُّونَهُ﴾ [المَائِدَة: ٥٤]؛ فقد أخبر بمحبته لِعِبَادِهِ المُؤمنِينَ ومحبة المُؤمنِينَ لَهُ، حَتَّى قَالَ: ﴿والَّذين آمنُوا أَشد حُبًّا لله﴾ [البَقَرَة: ١٦٥].
أمَّا الخلَّة فخاصَّة، وقَول بعض النَّاس: إِنْ مُحَمَّدًا حبيب الله، وإِبْرَاهِيم خَلِيل الله، وظنه أَنْ المحبَّة فَوق الخلَّة؛ قَول ضَعِيف؛ فَإِنْ مُحَمَّدًا-أَيْضًا-خَلِيل الله، كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الأَحَادِيث الصَّحِيحَة المستفيضة.
وكَانَ رَسُول الله ﷺ يحب المُؤمنِينَ الَّذين يُحِبُّهُمْ الله؛ لِأَنَّهُ أكمل النَّاس محبَّة لله، وأحقهم بِأَنْ يحب مَا يُحِبهُ الله، ويبغض مَا يبغضه الله، والخلة لَيْسَ لغير الله فِيهَا نصيب، بل قَالَ:«لَو كنتُ متخذًا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتَّخذت أَبَا بكر خَلِيلًا»(٣) -علم مزِيد مرتبَة الخلَّة على مُطلق المحبَّة.
(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٢) ومسلم (٢٣٨٤) من حديث عمرو بن العاص ﵄. (٢) أخرجه البخاري (٤٢١٠) ومسلم (٢٤٠٦) من حديث سهل بن سعد ﵁. (٣) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب ﵁ وقد تقدم.