للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يكن للخلة عنده معنى. (١)

: هِيَ كَمَال المحبَّة المستلزمة من العَبْد كَمَال العُبُودِيَّة لله، ومن الربِّ سُبْحَانَهُ كَمَال الربوبية لِعِبَادِهِ الَّذين يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ.

ولَفظ العُبُودِيَّة يتَضَمَّن كَمَالَ الذُّلِّ وكَمَالَ الحبّ؛ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: قلب مُتَيَّم، إِذا كَانَ متعبدًا للمحبوب. والمتيم: المتعبد، وتيم الله: عبد الله، وهَذَا-على الكَمَال-حصل لإِبْرَاهِيمَ ومُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا وسَلَّم.

ولِهَذَا لم يكن لَهُ من أهل الأَرْض خَلِيل؛ إِذْ الخُلَّة لَا تحْتَمل الشِّركَة؛ فَإِنَّهُ كَمَا قيل فِي المَعْنى:

قد تخللت مَسْلَك الرُّوح مني … وبِذَا سُمِّي الخَلِيل خَلِيلًا (٢)

بِخِلَاف أصل الحبِّ؛ فَإِنَّهُ قد قَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي الحَسَن وأُسَامَة: «اللَّهُمَّ إني أُحِبُّهما؛ فأَحبَّهما وأحبَّ مَنْ يُحبهما» (٣)، وسَأَلَهُ عَمْرو بن العَاصِ: أَيُّ النَّاس أحبُّ إِلَيْك؟ قَالَ: «عَائِشَة». قَالَ: فَمِنْ


(١) منهاج السنة ٥/ ٣٢١، ٣٢٢، وانظر كتاب: مدارج السالكين ١/ ٩٢.
(٢) البيت لبَشَّار بن بُرد، وهو من البحر التام. انظر: «ديوانه» (ص ٩٧٩).
(٣) الحديث الذي أخرجه البخاري (٣٧٣٥): عن أسامة بن زيد ، حَدَّث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن، فيقول: «اللهم أحبَّهما؛ فإني أُحبهما». وأما بلفظ المصنف فأخرجه الترمذي (٣٧٦٩) في حق الحسن والحسين، بلفظ: «اللهم إني أُحِبُّهما فأَحِبَّهما وأَحِبَّ مَنْ يُحبهما»، من حديث أسامة بن زيد ، وصححه الألباني في «صحيح الترمذي» (٢٩٦٦).

<<  <   >  >>