في تقديمه محبة خليله على محبة ولده، فلما استسلم لأمر ربه، وعزم على فعله، وظهر سلطان الخلة في الإقدام على ذبح الولد إيثارا لمحبة خليله على محبته، نسخ الله ذلك عنه، وفداه بالذبح العظيم؛ لأن المصلحة في الذبح كانت ناشئة من العزم وتوطين النفس على ما أمر، فلما حصلت هذه المصلحة عاد الذبح مفسدة، فنسخ في حقه، وصارت الذبائح والقرابين من الهدايا والضحايا سنة في أتباعه إلى يوم القيامة" (١).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وكان الجعد بن درهم من أهل حران، وكان فيهم بقايا من الصابئين والفلاسفة -خصوم إبراهيم الخليل ﵇-فلهذا أنكر تكليم موسى وخلة إبراهيم، موافقة لفرعون ونمرود، بناءً على أصل هؤلاء النفاة، وهو أن الرب تعالى لا يقوم به كلام، ولا يقوم به محبة لغيره، فقتله المسلمون، ثم انتشرت مقالته فيمن ضل من هذا الوجه. والمحبة متضمنة للإرادة، ومسألة الكلام والإرادة ضل فيهما طوائف). (٢)
وقال ﵀: (وكان أول من أنكر المحبة الجعد بن درهم، فضحى به خالد بن عبد الله القسري، وقال:«ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولا اتخذ إبراهيم خليلاً تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً» ثم نزل فذبحه. فإن الخلة من توابع المحبة، فمن كان من أصله أن الله لا يُحِبُ ولا يُحَبُ،