الاستواء، يعني قعد، وهذا على ظاهر حديث عبادة بن الصامت (١)، ولأن أكثر ما في هذا أنه من صفات الحدث في حقنا، وهذا لا يوجب كونه في حقه محدثاً، كما الاستواء على العرش، هو موصوف به مع اختلافنا في صفته، وإن كان هذا الاستواء لم يكن موصوفاً به في القدم، وكذلك نقول تكلم بحرف وصوت، وإن كان هذا يوجب الحدث في صفاتنا، ولا يوجبه في حقه، كذلك النزول) (٢).
وقال ابن القيم ﵀: (أما قول ابن حامد أنه نزول انتقال فهو موافق لقول من يقول يخلو منه العرش، والذي حمله على هذا إثبات النزول حقيقة، وأن حقيقته لا تثبت إلا بالانتقال، ورأى أنه ليس في العقل ولا في النقل ما يحيل الانتقال عليه، فإنه كالمجيء والإتيان والذهاب والهبوط، وهذه أنواع الفعل اللازم القائم به، كما أن الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والقبض، والبسط أنواع للفعل المتعدي، وهو سبحانه موصوف بالنوعين، وقد يجمعهما كقوله ﴿خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش﴾ [الأعراف ٥٤].
والانتقال جنس لأنواع المجيء، والإتيان، والنزول، والهبوط، والصعود، والدنو، والتدلي ونحوها؛ وإثبات النوع مع نفي جنسه جمع بين النقيضين.
قالوا: وليس في القول بلازم النزول والمجيء والإتيان والاستواء والصعود محذور ألبتة ولا يستلزم ذلك نقصاً، ولا سلب كمال، بل هو الكمال نفسه،
(١) يعني بحديث عبادة بن الصامت الذي فيه «ثم يعلو ﵎ على كرسيه». (٢) كتاب اختلاف الروايتين والوجهين-مسائل من أصول الديانات- (ص ٥٥).