وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المُعَدِّ للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل، ويشهد لذلك قوله تعالى:(وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا)، وقوله:(كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا)، وقوله:(وَقُضِيَ الأَمْرُ). أي فصل، تنبيهًا أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه ". (١)
القول الثالث: ومن العلماء من اختار أنهما بمعنى واحد إذا افترقا، فإذا اجتمعا في عبارة واحدة: صار لكل واحد منهما معنى.
قال الشيخ ابن عثيمين ﵀: "
القدر في اللغة؛ بمعنى: التقدير؛ قال تعالى:(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)[القمر: ٤٩]، وقال تعالى:(فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ)[المرسلات: ٢٣].
وأما القضاء؛ فهو في اللغة: الحكم.
ولهذا نقول: إن القضاء والقدر متباينان إن اجتمعا، ومترادفان إن تفرقا؛ على حد قول العلماء: هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا، وإن افترقتا اجتمعتا.
فإذا قيل: هذا قدر الله؛ فهو شامل للقضاء، أما إذا ذكرا جميعًا؛ فلكل واحد منهما معنى.
فالتقدير: هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه.
وأما القضاء؛ فهو ما قضى به الله ﷾ في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وعلى هذا يكون التقدير سابقًا.