فإن قال قائل: متى قلنا: إن القضاء هو ما يقضيه الله ﷾ في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وإن القدر سابق عليه إذا اجتمعا؛ فإن هذا يعارض قوله تعالى:(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)[الفرقان: ٢]؛ فإن هذه الآية ظاهرها أن التقدير بعد الخلق؟
فالجواب على ذلك من أحد وجهين:
- إما أن نقول: إن هذا من باب الترتيب الذكري لا المعنوي، وإنما قدم الخلق على التقدير لتتناسب رؤوس الآيات.
ألم تر إلى أن موسى أفضل من هارون، لكن قدم هارون عليه في سورة طه في قوله تعالى عن السحرة:(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى)[طه: ٧٠]؛ لتتناسب رؤوس الآيات.
وهذا لا يدل على أن المتأخر في اللفظ متأخر في الرتبة.
-أو نقول: إن التقدير هنا بمعنى التسوية؛ أي: خلقه على قدر معين؛ كقوله تعالى:(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)[الأعلى: ٢]؛ فيكون التقدير بمعنى التسوية.
وهذا المعنى أقرب من الأول؛ لأنه يطابق تمامًا لقوله تعالى:(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)؛ فلا إشكال". (١)
والخلاصة: أن الخطب في هذه المسألة يسير جدا، وليس وراءها كبير فائدة، ولا تتعلق بعمل ولا اعتقاد، وغاية ما فيها اختلاف في التعريف، ولا دليل