لا تجب الفدية على المحرِم إذا حلق رأسه ناسيًا، وهو وجه عند الشافعية (١)، وقول للحنابلة (٢).
القول الثاني:
تجب الفدية على المحرم إذا حلق رأسه ناسيًا، وهو مذهب الحنفية (٣)، والمالكية (٤)، والشافعية (٥)، والحنابلة (٦).
استدلَّ أصحاب القول الأوّل القائل - لا تجب الفدية على المحرم إذا حلق رأسه ناسيًا - بما يلي:
الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(٧).
الدليل الثاني: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عُفِيَ لأمتي عن الخطأ والنسيان)(٨).
وجهُ الدَّلالة من الآية والحديث:
علَّمَ اللهُ عباده بنصِّ الآية أن يسألوه عدم المؤاخذة لهم بنسيان شيء مما افترضه عليهم، أو إصابة شيء حرَّمه عليهم؛ وقد قال عزّ وجلّ "قد فعلت"، وجاء خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤكدًا لهذا المعنى، وهذه العمومات تشمل كل نسيان؛ ومنها المحرِم إذا أخذ من شعره نسيانًا (٩).
الدليل الثالث: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ - أَوْ قَالَ: صُفْرَةٍ -،
(١) انظر: بحر المذهب (٣/ ٤٥٦)، روضة الطالبين (٣/ ١٣٧). (٢) انظر: الهداية، للكلوذاني (١/ ١٨١)، الإنصاف (٨/ ٤٢٦). (٣) انظر: مختصر القدوري (١/ ٧٣)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٠١). (٤) انظر: الإشراف (١/ ٤٧٢)، المدونة (١/ ٤٤٢)، الاستذكار (٤/ ١٦٠)، الذخيرة (٣/ ٣٤٣). (٥) انظر: بحر المذهب (٣/ ٤٥٦)، فتح العزيز (٧/ ٤٦٤)، روضة الطالبين (٣/ ١٣٧). (٦) انظر: المغني (٣/ ٤٢٩)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٨/ ٤٢٦)، شرح الزركشي (٣/ ٣٢٨). (٧) سورة البقرة، الآية (٢٨٦). (٨) تقدم تخريجه ص ٢٥١. (٩) انظر: تفسير الطبري (٦/ ١٣٢ - ١٣٣)، المغني (٣/ ٤٢٩).