واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يجب على من أخَّرَ الحلق حتى مضت أيام التشريق دمٌ سواء كان التأخير قليلًا أو كثيرًا عمدًا أو سهوًا - بما يلي:
الدليل الأوّل: الحلق نُسُك من أنساك الحج يجب أن يكون مؤقتًا بوقت؛ فمن أخَّرَه عن محله فقد ترك نسكًا يجب بتركه الدم، عمدًا كان أو سهوًا (٢).
يمكن أن يناقَش: الحلق لا يُعَدُّ نُسُكًا، إنما هو استباحة محظور كاللباس والطيب، لا يوجب تركه شيئًا فضلًا عن تأخيره (٣).
الدليل الثاني: قياس تأخر الزمان على تأخر المكان (كمجاوزة الميقات)، بجامع أن الجميع واجب وتركه يوجب الدم (٤).
يمكن أن يناقَش: الأصل في الحلق عدم تقييد آخر وقته بزمن (٥).
[الترجيح]
بعد عرضِ الأقوال وأدلّتِها، يظهَرُ أن الراجح في المسألة - والله أعلم - هو القول الأوّل القائل: لا يجب على من أخَّرَ الحلق حتى مضت أيام التشريق دمٌ سواء كان التأخير قليلًا أو كثيرًا عمدًا أو سهوًا؛ وذلك لقوة مستند هذا القول، لأن أدلة القول المخالف مجرد تعليلات واجتهادات لا تقوى على معارضة دَلالة النص، فلا يوجد دليل من كتاب أو سُنّة، أو إجماع يوجب الدم.