اتفق الفقهاء - رحمهم الله تعالى - على صحة أذان العبد والأعمى إذا توفرت فيهم الصفات المستحب توفرها في المؤذن (٢)(٣).
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(٤).
وجه الدلالة من الآية:
الداعي إذا كان حسن الصوت يكون أدعى إلى الإجابة، فاعتبر وصف الصيت وحسن الصوت في المؤذن؛ -لترق به القلوب ويكون أوقع في النفوس وأدعى للحضور- وهذا الوصف يمكن تحققه في الأعمى والعبد، وإذا ثبت تحققه فيهما قُبل أذانهما (٥).
الدليل الثاني: عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ عَاشِرَ عَشْرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَطْلُبُهُمْ، فَسَمِعْنَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِالصَّلَاةِ فَقُمْنَا
(١) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف الأذان (١/ ١٣٥) (٤٩٩)، وابن ماجه في سننه، كتاب الأذان والسنة فيه، باب بدء الأذان (١/ ٢٣٢) (٧٠٦). قال الخطابي في معالم السنن، (١/ ١٥٢): "حديث صحيح"، وقال ابن رجب في فتح الباري (٥/ ١٨٩): "صححه ابن خريمة وابن حبان … وقال البخاري: هو عندي صحيح"، وقال الألباني في إرواء الغليل (١/ ٢٦٥): "حسن". (٢) كالصيت والأمانة والعلم بالأوقات. (٣) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ١٣٧)، فتح القدير (١/ ٢٥٣)، مراقي الفلاح، الشرنبلالي (١/ ٧٨)، المعونة (١/ ٢١٠)، عقد الجواهر (١/ ٩١)، جامع الأمهات (١/ ٨٧)، الذخيرة (٢/ ٦٥)، الأم (١/ ١٠٣، ١٠٧)، الحاوي (٢/ ٥٧، ٥٩)، المجموع (٣/ ١٠١)، فتح العزيز (٣/ ٥٩، ٦٠)، المغني (١/ ٣٠١)، الإنصاف (٣/ ٥٩)، كشاف القناع (١/ ٢٣٥). (٤) سورة آل عمران، من الآية (١٥٩). (٥) انظر: الأم (١/ ١٠٧)، الحاوي (٢/ ٥٧)، التعليقة، للقاضي حسين (٢/ ٦٥٨)، نهاية المطلب (٢/ ٦٠)، بحر المذهب (١/ ٤٢٩)، المجموع (٣/ ١٠٣).