الدليل الثالث: أوجب الله عز وجل زكاة الدين منه، ولا سبيل إليه إلا بقبضه (٢).
الدليل الرابع: الزكاة إنما وجبت على طريق المواساة، وليس من المواساة إخراج زكاة مال لم يقبض ولا ينتفع به (٣).
الدليل الخامس: من شروط إخراج الزكاة: القدرة على الأداء، ومن لم يقبض الدين قد لا يقدر على أداء زكاته (٤).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يلزم إخراج زكاة الدين ولو لم يقبض، سواء أكان حالًا أو مؤجلًا- بـ:
أن الدين إذا كان على مليء فإنه مقدور على قبضه والتصرف فيه، فصار كالوديعة في وجوب الزكاة (٥).
نوقش: الوديعة تفارق الدين، لأنها بمنزلة ما في اليد؛ فالمودع نائب عن المالك في الحفظ ويده كيده، وإنما وجبت الزكاة فيها لأنها في ملكه ولقدرته على الانتفاع بها كسائر أمواله (٦).
[الترجيح]
بعد عرض الأقوال وأدلتها يظهر أن الراجح في المسألة-والله أعلم-هو القول الأوّل القائل: لا يلزم إخراج زكاة الدين حتى يقبض، سواء أكان حالًا أو مؤجلًا، وذلك لقوته وسلامة استدلاله من الاعتراضات، وفي القول به تيسير على المكلف، ولضعف القول المخالف وورود المناقشة على استدلاله.