الدليل الثاني: عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:(إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ)(١).
وجه الدلالة من الحديث:
سمى الأمر بالمعروف حال الخطبة لغوًا؛ وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -مع فرضيتهما- يحرمان حال الخطبة فغيرهما من باب أولى (٢).
الدليل الثالث: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ-رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ، وَهُوَ قَائِمٌ، فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ)، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَوْ أَبُو ذَرٍّ يَغْمِزُنِي، فَقَالَ: مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ؟ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهَا إِلَّا الْآنَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ، أَنِ اسْكُتْ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا، قَالَ: سَأَلْتُكَ مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فَلَمْ تُخْبِرْنِي؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ الْيَوْمَ إِلَّا مَا لَغَوْتَ، فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ أُبَيٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (صَدَقَ أُبَيٌّ)(٣).
وجه الدلالة من الحديث:
الحديث نص في النهي عن جميع الكلام حال الخطبة، ومفهومه وجوب الإنصات للخطيب أثناء خطبته (٤).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يستحب الإنصات للخطيب حال الخطبة للقريب والبعيد-بما يلي:
(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، (٢/ ١٣) (٩٣٤)، مسلم، كتاب الجمعة، باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، (٢/ ٥٨٣) (٨٥١). (٢) انظر: اللباب، الخزرجي (١/ ٣٠٤)، شرح التلقين (١/ ١٠٠٠)، إكمال المعلم (٣/ ٢٤٣)، الفواكه الدواني (١/ ٢٦٣). (٣) رواه ابن ماجه في السنن، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها، (١/ ٣٥٢) (١١١١)، والبيهقي في السنن، كتب الجمعة، باب الإنصات للخطبة (٦/ ٣٥٩) (٥٨٩٨) قال البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ١٣٤): "إسناد صحيح"، وقال النووي في المجموع (٤/ ٥٢٥): "صحيح". (٤) انظر: عمدة القاري (٦/ ٢٤٠).