الدليل الخامس: القياس على الجمع بين الصلاتين في عرفة ومزدلفة، بجامع أن الكل صلاة وجبت في سفر، فجاز أن تجمع سيرًا ونزولًا (٢).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- لا يجوز للمسافر الجمع بين الصلاتين إلا إذا كان سائرًا-بـ:
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- لما جد به السير، بِطَرِيقِ مَكَّةَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ:(إنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ المَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا)(٣).
وجه الدلالة من الحديث:
بين ابن عمر - رضي الله عنه - هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمع، وقيد الرخصة فيه للمسافر بالسير (٤).
نوقش من وجهين:
أ. دل الحديث على جواز الجمع للمسافر حال السير، وليس فيه ما يدل على المنع من الجمع إن كان نازلًا، بدليل التصريح بذلك في حديث معاذ عند قوله:(ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا)(٥) فإن قوله: دخل ثم خرج؛ لا يكون إلا وهو نازل (٦).
(١) انظر: المجموع (٤/ ٣٧٢)، المغني (٢/ ٢٠٢)، المبدع (٢/ ١٢٥). (٢) انظر: الإشراف (١/ ٣١٥)، الاستذكار (٢/ ٢٠٥)، بداية المجتهد (١/ ١٨٣)، الحاوي (٢/ ٣٩٣). (٣) تقدم تخريجه ص ٣٢٦. (٤) انظر: بداية المجتهد (١/ ١٨٣)، عون المعبود (٤/ ٥٣)، المنهل العذب (٧/ ٧٤). (٥) تقدم تخريجه ص ٣٢٥. (٦) انظر: التمهيد، ابن عبد البر (١٢/ ٢٠١ - ٢٠٣)، الأم (١/ ٩٦)، فتح الباري، ابن حجر (٢/ ٥٨٣)، الكوثر الجاري، للكوراني (٣/ ١٨٢).