واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل- لا يكره للإمام أن يقف أعلى من المأموم إذا قصد تعليمهم-بـ:
عن سهل الساعدي-رضي الله عنه-أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى المنبر، ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي)(٢).
وجه الدلالة من الحديث:
بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صعوده المنبر وصلاته عليه إنما كان لتعليم أصحابه، وفي ذلك دلالة صريحة على جواز ارتفاع الإمام على المأموم لقصد التعليم وبيان أفعال الصلاة (٣)
نوقش من أوجه (٤):
أ. يحمل وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه كان على درجة المنبر السفلى؛ فيكون ارتفاعه يسيرًا، جمعًا بين الأدلة.
ب. النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتم الصلاة على المنبر؛ بل كان جلوسه وسجوده على الأرض مساويًا للمأمومين.
ت. ثبت النهي عن ارتفاع الإمام على المأموم بقول رسول الله، وما ورد في الحديث من
(١) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٣٣١). (٢) تقدم تخريجه ص ٣٢١. (٣) انظر: معالم السنن (١/ ٢٤٧، ٢٤٨)، شرح النووي على مسلم (٥/ ٣٥)، العدة، ابن العطار (٢/ ٦٧٤)، رياض الأفهام (٢/ ٦١٦). (٤) انظر: المعلم (١/ ٤١٤)، المغني (٢/ ١٥٤)، البناية (٢/ ٤٥٣)، نيل الأوطار (٣/ ٢٣١).