الدليل الثالث: في وقوف الإمام على موضع أرفع من المأمومين تشبه بأهل الكتاب (٢).
الدليل الرابع: المأموم يحتاج في اقتدائه بالإمام للنظر إلى ركوعه وسجوده، وإذا وقف الإمام على مكان أرفع من المأموم لأدى ذلك لتكلفه برفع بصره المنهي عنه (٣).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يباح للإمام أن يقف أعلى من المأموم إذا كان الارتفاع كثيرًا، لا فرق بين قصد التعليم وعدمه - بـ:
عن سهل الساعدي-رضي الله عنه-أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى المنبر ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى (٤)، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي)(٥).
وجه الدلالة من الحديث:
دل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على جواز ارتفاعُ الإمام على المأمومين مطلقًا من غير كراهة (٦).
نوقش: دلالة الحديث لا تتناول إطلاق جواز ارتفاع الإمام دون قصد التعليم، لأن مناسبة الفعل
(١) انظر: نيل الأوطار (٣/ ٢٣١). (٢) انظر: تبيين الحقائق (١/ ١٦٥)، البناية (٢/ ٤٥٢). (٣) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٤٠)، الإشراف (١/ ٣٠١)، المغني (٢/ ١٥٤). (٤) المشي إلى الخلف. انظر: مقاييس اللغة (٥/ ٣٥)، غريب الحديث، ابن الجوزي (٢/ ٢٧٣)، فتح الباري، لابن حجر (٢/ ٤٠٠). (٥) رواه البخاري في كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر (٢/ ٩) (٩١٧)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة (١/ ٣٨٦) (٥٤٤). (٦) انظر: المحلى (٢/ ٤٠٥)، منحة الباري (٢/ ٦٢٧).