دل النهي الوارد في الحديث على كراهة الصلاة في المقبرة إذا كانت جديدة وطاهرة (١).
يمكن أن يناقش من وجهين:
أ. النهي يقتضي التحريم والتحريم يقتضي الفساد (٢).
ب. ليس في الحديث ما يدل على قدم المقبرة أو حداثتها، واللفظ عام، يشمل كل مقبرة قديمة كانت أو حديثة.
الدليل الثاني: المقبرة القديمة مظنة لوجود عظام الموتى ومخالطتها التراب، فتمنع الصلاة فيها،
وذلك مأمون في المقبرة الجديدة (٣).
نوقش: هذا ضعيف، لأن إطلاق النهي عن الصلاة في المقابر يدل على أن علته مظنة الشرك ومشابهة المشركين (٤).
واستدلَّ أصحاب القول الخامس القائل-لا تصح الصلاة في المقبرة (القديمة) التي نبشت، وتكره في (الحديثة) التي لم تنبش-بما يلي:
الدليل الأوّل: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا المَقْبَرَةَ وَالحَمَّامَ)(٥).
(١) انظر: المعونة (١/ ٢٨٧)، التبصرة، للخمي (١/ ٣٤٦). (٢) انظر شرح العمدة لابن تيمية (١/ ٤٣٦)، تيسير التحرير (١/ ٣٨٧)، المهذب، لعبد الكريم النملة (٣/ ١٤٣٤). (٣) انظر: الكافي، لابن عبد البر (١/ ٢٤٢). (٤) انظر مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٢١). (٥) رواه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة (١/ ١٣٢) (٤٩٢)، والترمذي في سننه، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام (٢/ ١٣١) (٣١٧). قال الترمذي: "هذا حديث فيه اضطراب، وروى سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، ورواه حماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال: «وكان عامة روايته عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه عن أبي سعيد، وكأن رواية الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت وأصح"، وكذلك الدارقطني رجح الإرسال في علله (١١/ ٣٢١)، وقال الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (٤/ ١٣٢): "صحيح".