الشرك وفي عبادة ما عُبِدَ من دون الله، ثم الزّهْدُ في الحرام كُلِّهِ من المعاصي، ثم الزهدُ في الحلال، وهو أقل أقسام الزهد.
فالقسمان الأوّلان من هذا الزهد كلاهما واجب.
• والثالث ليس بواجب؛ فإن أعظم الواجبات: الزهدُ في الشرك، ثم في المعاصي كلها.
• وكان بكر المزني يدعو لإخوانه: زهَّدَنَا الله وإياكم زُهْدَ مَنْ أمكَنَهُ الحرامُ والذنوبُ في الخلَوات، فعلم أن الله يراه فتركه.
• وقال ابن المبارك: قال سلام بن أبي المطيع: الزهد على ثلاثة وجوه:
واحد (١) أن تخلص العملَ لله عز وجل والقولَ، ولا يرادُ بشيء منه الدنيا.
• والثاني: تَرْكُ ما لا يَصْلُحُ، والعمل بما يَصْلُحُ.
• والثالث: الحلال أن يزهد فيه وهو تطوع (٢) وهو أدناه وهذا قريب (٣) مما قبله إلا أنه جعلَ الدرجة الأولى من الزهدِ: الزهدَ في الرياء المنافي للإخلاص في القول والعمل، وهو الشرك الأصغر، والحامل عليه محبة المدح في الدنيا، والتقدم عند أهلها، وهو من نوع محبة العلو فيها والرياسة".
• وقال إبراهيم بن أدهم: "الزهد ثلاثة أصناف، فزهدٌ فرضٌ، وزهدٌ فضلٌ، وزهد سلامة، فالزهد (٤) الفرض: الزهد في الحرام، والزهد الفضل: الزهد في الحلال، والزهد السلامة: الزهد في الشبهات (٥).
• وقد اختلف الناس هل يستحق اسم الزاهد (٦) من زهد في الحرام خاصة ولم يزهد في فضول المباحات أم لا؟ على قولين:
• أحدهما: أنه يستحق اسم الزهد بذلك، وقد سبق ذكر ذلك عن الزهري وابن عيينة وغيرهما.
(١) م: "أحدها أن يخلص". (٢) م: "التطوع". (٣) م: "أقرب" والخبر في الحلية ٦/ ١٨٨. (٤) م: "فأما الزهد .. فالزهد". (٥) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٨/ ٢٦ من طريق أبيه، عن أبي الحسن بن أبان، عن أبي بكر بن عبيد، عن محمد بن الحسن، عن مكين بن عبيد الصوفي، عن المتوكل بن الحسين، قال: قال إبراهيم بن أدهم فذكره بنحوه. وأخرجه في الحلية أيضًا ١٠/ ١٣٧ بمثله. (٦) م: "الزهد".