سبيلكَ في الدنيا سَبِيلُ مسافرٍ … وَلا بدَّ من زادٍ لكلِّ مُسَافِرِ
ولا بدَّ للإنسانِ من حَمْل عُدّةٍ … وَلا سيّما إن خافَ صولة قَاهِرِ
* * *
• قال بعض الحكماء: كيف يفرح مَنْ يَومُه يهدِمُ شهرَه؟ وشهرُه يهدِم سنَته؟ وسنتُه تهدِمُ عُمُرَهُ؟ كيف يفرح من يقوده عُمُرُهُ إلى أجَلِه؟ وتقودُه حياتُه إلى موته؟.
* * *
وقال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتَتْ عليك؟ قال: ستون سنة، قال: فأنتَ منذ ستين سنة تسير إلى ربك! يوشك أن تبلغ؟ فقال الرجل:{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}(٢) فقال الفضيل: أتعرف تفسيره؟ تقول: أنا لله عبدٌ وإليه راجع (٣) - فمن عَلِمَ أنه لله عبدٌ، وأنه إليه راجع. فليعلم أنه موقوفٌ، ومَنْ عَلم أنه موقوف؛ فليعلم أنه مسئول، ومن علم أنه مسئول؛ فليعدَّ للسؤال جوابًا.
فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، قال: ما هي؟ قال: تُحْسنُ فيما بقى يُغْفَرْ لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقى؛ أُخِذْت بما مضى وبما (٤) بقى، وفي هذا المعنى (٥) يقول بعضهم:
وإن امْرَأً قد سارَ ستِّينَ حجَّةً … إلى مَنْهَلٍ مِنْ وِرْدِه لقريبُ
قال بعض الحكماء:"من كانت الأيامُ والليالي مطاياه سارت به وإن لم يسر".
• وفي هذا قال بعضهم:
وما هذه الأيامُ إلا مراحِلٌ … يحثُ بها داعٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجب شيءٍ لو تأملتَ أنها … منازلُ تُطوَى والمسَافِر قَاعِدٌ!؟
* * *
وقال آخر:
(١) ليست في "ا". (٢) سورة البقرة: ١٥٦. (٣) م: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. (٤) م: "وما". (٥) ليست في "ا" ولا ب.