وأما السلم (١) في الذِّمَّة فإنه جائز في كل ما تضبطه الصفة والأصل في جواز ذلك (٢) قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(٣)، وقوله:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ}(٤)، فدل ذلك على أن من التجارات ما لا يكون حاضرًا، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}(٥)، قال ابن عباس: ذلك في السلم (٦)، وروي: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عندك وأرخص في السلم (٧)، وروي: أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمر السنتين والثلاثة فقال:
(١) السلم: يعني السلف، وإنما سمي سلمًا لأنه يسلم إليه دراهمه ويتركها عنده من قولهم: أسلمته مائة، أي تركتها (غرر المقالة ص ٢١٦)، وفي الاصطلاح عرفه ابن عرفة بقوله: عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين (حدود ابن عرفة ص ٢٩١). (٢) في (م): جوازه. (٣) سورة البقرة، الآية: ٢٧٥. (٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢. (٥) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢. (٦) انظر: تفسير الطبري: ٣/ ١١٦. (٧) الجزء الأول من الحديث أخرجه أبو داود في البيوع، باب: بيع الرجل ما ليس عنده: ٣/ ٧٦٩، والنسائي في البيوع، باب: بيع ما ليس عند البائع: ٧/ ٣٥٤، وابن ماجه في التجارات، باب: النهي عن بيع ما ليس عندك: ٢/ ٧٣٧، والترمذي في البيوع باب: ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك: ٣/ ٥٣٤، وقال: حسن صحيح، أما الجزء الأخير قوله: وأرخص في السلم، فلم أعثر عليه.