الحلاق نسك يثاب فاعله خلافًا لأحد قولي الشافعي أنه مباح بعد حظر وليس بنسك (١) لقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}(٢)، فوعدهم بدخولهم على هذه الصفة ممتنًا عليهم بها، فدل على تعلق الفضيلة بها، وقوله صلى الله عليه وسلم:"رحم الله المحلقين ثلاثًا"، قيل: والمقصرين يا رسول الله؟ قال:"والمقصرين"(٣) وهذه المبالغة بتكرار الدعاء، فدل على الفضيلة، وقوله:"ليس على النساء حلاق وإنما عليهن التقصير"(٤)، ولأنه قول عمر وابنه (٥) ولا مخالف لهما.
[فصل [٢١ - في تقديم النحر على الرمي أو الحلاق على النحر]]
وإنما قلنا: إنه إن قدم النحر على الرمي أو الحلاق على النحر جاز لما روى عبد الله بن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله، لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح فقال:"اذبح ولا حرج"، وجاءه آخر فقال: يا رسول الله، لم أشعر نحرت قبل أن أرمي، فقال:"إرم ولا حرج"(٦).
[فصل [٢٢ - فيمن حلق قبل الرمي]]
وإنما قلنا: إنه إن حلق قبل الرمي فعليه دم (٧) خلافًا للشافعي (٨)، لقوله
(١) انظر: المجموع: ١٥٣٨. (٢) سورة الفتح، الآية: ٢٧. (٣) أخرجه البخاري في الحج، باب: الحلق والتقصير عند الإحلال: ٢/ ١٨٨، ومسلم في الحج، باب: تفضيل الحلق على التقصير: ٢/ ٩٤٥. (٤) أخرجه أبو داود في المناسك، باب: الحلق والتقصير: ٢/ ٥٠٢، والدارقطني: ٢/ ٢٨٠، والطبراني وإسناده حسن، وقواه أبو حاتم في العلل، والبخاري في التاريخ، وأعله ابن القطان، ورد عليه ابن المواق، فأصاب (تلخيص الحبير: ٢/ ٢٦١). (٥) انظر: الموطأ: ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧٦. (٦) أخرجه البخاري في الحج، باب: الفتيا على الدابة عند الجمرة: ٢/ ١٩٠، ومسلم في الحج، باب: من حلق قبل النحر: ٢/ ٩٤٨. (٧) انظر: التفريع: ١/ ٣٤٣. (٨) انظر: الأم: ٢/ ٢١٥.