فجاز صرف جميعها إليه، وأن يأخذ بحسب الاجتهاد كالعامل والمؤلفة والمقصود من الظاهر (١) الأخبار عن محلها الذي توضع فيه دون التمليك (٢) وتحديد المأخوذ.
[فصل [٢ - معنى الفقير والمسكين]]
الفقير هو الذي يجد الشيء اليسير الذي لا يكفيه، والمسكين أحوج منه لأنه الذي لا يملك شيئًا (٣) أصلًا خلافًا للشافعي (٤) في قوله: إن المسكين هو الذي معه ما لا يكفيه وأن الفقير هو الذي لا شيء له أصلًا، وإنما قلنا: إن المسكين أحوج من الفقير لأن الاسمين مأخوذان من العُدم وانتفاء الأملاك إلا أن المسكنة عبارة عما زاد على ذلك وهو شدة الحاجة التي يكسب صاحبها الخضوع والاستكانة، فلذلك قلنا: إنه أحوج من الفقير ويوضح ذلك قوله عَزَّ وجَلَّ: {أو مسكينًا ذا متربة}(٥) يريد أن الحاجة بلغت به إلى أن لصق بالتراب من غير حائل بينه وبينه، وما يذكرونه من قوله تعالى (٦): {وأما السفينة فكانت لمساكين}(٧) مقابل بما ورد من تسمية الواجد لليسير بأنه فقير وهو قول الشاعر (٨):
أما الفقير الذي كانت حلوبته … وفق العيال فلم يترك له سبد (٩)
(١) أي من ظاهر آية التصديق. (٢) في (م): المليك. (٣) انظر: التفريع: ١/ ٢٩٧، الكافي ص ١١٤. (٤) انظر: الأم: ١/ ٧١، الإقناع ص ٧٠. (٥) سورة البلد، الآية: ١٦. (٦) تعالى: سقطت من (ق). (٧) سورة الكهف، الآية: ٧٩. (٨) في (ر): وهو قول الشافعي، وهو خطأ إذ البيت للراعي النميري، وهو في ديوانه ص ٥٥. (٩) السبد: يقولون: ما له سبد ولا لبد أي لا قليل ولا كثير (الصحاح: ٢/ ٤٨٣).