وإنما قلنا: أن ماله مثل من النعم مضمون (بمثله خلافًا لأبي حنيفة في قوله: أنه مضمون)(١) بالقيمة (٢) لقوله عَزَّ وجَلَّ (٣): {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}(٤)، ففيه أدلة:
أحدهما: أن إطلاق المماثلة يقتضي الخلقة والصورة والجنس، فلما قيده بأن يكون من النعم علم بأنه أراد الخلقة من هذا النوع دون غيره.
والثاني: قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}(٥)، وهذه الكناية عائدة إلى الجزاء وهو المثل من النعم ولا ذكر للقيمة للظاهر.
والثالث: قوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}(٦)، فأوجب أن يكون نفس الشيء المحكوم به هديًا بالغ الكعبة، وهذا لا يمكن في القيمة دون أن تبدل (٧)، وإنما يصح في المثل، وقوله صلى الله عليه وسلم:"الضيع صيد وفيها كبش إذا أصابها المحرم"(٨)، ففيه أدلة:
أحدهما: أنه عين الواجب فيها وهو الكبش، وعند المخالف أن الواجب القيمة من غير تعيين.
والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم جعل فيها جزاء مقدرًا وعندهم لا يتقدر، لأنه يزيد وينقص باختلاف القيم.
والثالث: أنه أوجب كبشًا وعندهم يجب تارة كبشًا، وتارة دونه، وتارة أكثر منه بحسب اختلاف القيمة، ولأنه إجماع الصحابة روي عن عمر وعثمان
(١) ما بين قوسين: سقط من (م). (٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ٧٠، مختصر القدوري ١/ ٢١١ - ٢١٢. (٣) في (م): تعالى. (٤): (٦) سورة المائدة، الآية: ٩٥. (٧) دون أن تبدل: سقطت من (م). (٨) سبق تخريج الحديث في الصفحة (٥٣٥).