والظاهر من المذهب أنه ثمانية وأربعون ميلًا (١)، وقال أبو حنيفة: ثلاثة أيام (٢)، ودليلنا قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} فعم (٣)، ولم يخص، ولأنها مسافة تلحق المشقة في قطعها غالبًا فجاز القصر فيها، أصله مسافة الثلاثة أيام.
[فصل [٥ - شروط القصر]]
ولا يجوز القصر إلا إذا فارق بلده ولم يقابله شيء منه (٤)، خلافًا لبعض المتقدمين (٥) في قوله: أنه يقصر إذا نوى السفر وإن كان ببلده، لقوله:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}(٦)، والضرب في الأرض لا يكون بالنية، وإنما يكون بالفعل، ولأنه إذا كان مسافرًا لم يصر مقيمًا، كذلك إذا كان مقيمًا لا يكون مسافرًا بمجرد النية.
[فصل [٦ - متى يبدأ القصر]]
وفي المسافة التي يقصر ببلوغه إليها روايتان (٧): إحداهما أن يفارق بيوت بلده ولا يحاذيه ولا عن يمينه وشماله شيء منها، والآخر أن يكون من المصر على
(١) انظر: المدونة: ١/ ١١٤، التفريع: ١/ ٢٥٨، الرسالة ص ١٢٩، والميل بالكسر -عند العرب: مقدار مدى البصر من الأرض وهو أربعة آلاف ذراع (المصباح المنير ص ٥٨٨). (٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ٣٣، مختصر القدوري: ١/ ١٠٥. (٣) أراد بالعموم الإطلاق، لأن قوله: {ضَرَبْتُمْ} مطلقة لم تقيد بمسافة ولا مكان ولا زمان، فاقتضى هذا الظاهر جواز القصر في جميع السفر. (٤) انظر: المدونة: ١/ ١١٢، التفريع: ١/ ٢٥٨، الرسالة ص ١٢٩. (٥) وهو قول عطاء وسليمان بن موسى أنهما أباحا القصر في البلد لمن نوى السفر وغيرهم (المغني: ٢/ ٢٦٠). (٦) سورة النساء، الآية: ١٠١. (٧) انظر: المدونة: ١/ ١١٢، التفريع: ١/ ٢٥٨.