وأيضًا: فإنها تسمى إيمانًا، بدليل: أنها لما/ نسخت القبلة قالوا: كيف [٧/أ] بأصحابنا الذين ماتوا، وهم يصلون نحو بيت المقدس، فنزل {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}(١) متفق عليه (٢)، وإذا كانت إيمانًا كفر بتركها، كالتوحيد.
ولم يسم غيرها من العبادات إيمانًا (٣).
قلت: وفيه نظر؛ لأنه لا يلزم من كون الشيء إيمانًا أن يكون تركه كفرًا، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان بضع وسبعون خصلة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق " متفق عليه (٤).
وطردُ قول السامري: أن يكون ترك الإماطة كفرًا، وهذا خَلْفٌ (٥)، ثم قوله: وغيرها من العبادات لم يسم إيمانًا باطل، إذ العبادات كلها إيمان، خصوصًا على أصلنا: في أن الإيمان قول وعمل (٦).
فَصل
٤٦ - إذا اشتبهت عليه القبلة في السفر أجزأه أن يصلي مرةً واحدةً بالاجتهاد، ولا يلزمه أن يصلي إلى أربع جهات (٧).
(١) سورة البقرة، الآية (١٤٣). (٢) انظر: صحيح البخاري، ١/ ١٦، صحيح مسلم، ٢/ ٦٥ - ٦٦، وقد روى الإمام مسلم حديث نسخ القبلة دون هذه الزيادة التي ذكرها المصنف. (٣) انظر: فروق السامري، ق، ١١/ أ. (٤) انظر: صحيح البخاري، ١/ ١١، ولفظه: (الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان)، وصحيح مسلم، ١/ ٤٦، ولفظه: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). (٥) الخَلْفُ: الرديء من القول، وغيره. انظر: مختار الصحاح، ص، ٢٠٤، المصباح المنير، ١/ ١٧٩. (٦) وهو مذهب أهل السنة والجماعة. انظر: شرح الطحاوية، ص، ٢٨٤، شرح العقيدة الواسطية، ص، ١٢٩. (٧) انظر: الهداية، ١/ ٣١، الكافي، ١/ ١١٨، المحرر، ١/ ٥٢، الإقناع، ١/ ١٠٣.