وملك الكفار بالاستيلاء هو الصَّحيح من المذهب (١). وقد نص أبو الخطاب في الانتصار (٢): أن الكفار لا يملكون مال مسلمٍ بالقهر، وأنَّه يأخذه بغير شيءٍ حتَّى مقسومًا، ومن العدو إذا أسلم (٣).
قال أبو البركات (٤): وهذا مخالف لنصوص الإمام أحمد - رضي الله عنه -.
ونص شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية - رضي الله عنه - في بعض كتبه: أن الكفار يملكون بالقهر (٥)، وذكر: قول النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة (٦) - حين قيل له: أين تنزل غدًا؟ -: (وهل ترك لنا عقيل من دارٍ)(٧) على أنهم استولوا على ملك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته (٨). وهذا حسنٌ مع غرابته. والله أعلم.
فَصل
٦٧٩ - إذا أسلم حربيٌّ وفي يده شيءٌ مما غنمه من مال المسلمين، لم يكن لربه المسلم أخذه (٩).
(١) انظر: الشَّرح الكبير، ٥/ ٥٥٢، المحرر، ٢/ ١٧٣، الفروع، ٦/ ٢٢٣، الإنصاف، ٤/ ١٥٩، منتهى الإرادات، ١/ ٣١٤. (٢) نسب صاحب المحرر هذا القول لأبي الخطاب في تعليقه، ولم ينسبه إلى الانتصار. انظر: المحرر، ٢/ ١٧٤، ونقله عنه صاحب الإنصاف، ٤/ ١٦٠. (٣) وقال أبو الخطَّاب في الهداية، ١/ ١١٩: (ظاهر كلام أحمد - رحمه الله - أنهم لا يملكونها). (٤) في المحرر، ٢/ ١٧٤. (٥) جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص ٥٣٧، قوله: (لم ينص الإمام أحمد على أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر، ولا على عدمه، وإنَّما نص على أحكام أخذ منها ذلك. فالصواب: أنهم يملكونها ملكاً مقيدًا، لا يساوي ملك المسلمين من كل وجه) وانظر هذا بحرفه في: الإنصاف، ٤/ ١٦٠. (٦) في الأصل (عنين). (٧) رواه البُخاريّ في صحيحه، ١/ ٢٧٧، ٣/ ٦١، ومسلم في صحيحه، ٨/ ١٠٤. (٨) واستدل بهذا الحديث على الحكم المذكور العلامة ابن القيِّم في: زاد المعاد، ٥/ ٧٦. (٩) انظر: الكافي، ٤/ ٣١٢، المحرر، ٢/ ١٧٤، الشَّرح الكبير، ٥/ ٥٥٣، الإقناع، ٢/ ٢٣.