للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يكون حاله بعد أدائه خيراً مما كان عليه قبله. فهمّته في علوّ، وصدره في انشراح، وعمله متّجه إلى طريق الفلاح. وعلامة قبول التوبة أن لا يعود إلى الذنب، ويبغضه، وأن يترك مجالسة أهل المعاصي، وقرناء السوء.

فإذا أحب الله العبد وتقبّله حبب إليه الطاعة، وبغّض إليه المعصية، ووفقه للعمل الصالح تلو الآخر وسخّر الملائكة تؤزّه أزاً عليه قال ابن القيم : " ولايزال العبد يعاني الطاعة، ويألفها، ويُحبّها، ويُؤثرها حتى يُرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكةَ تؤزُّه إليها أزًّا، وتحرّضه عليها، وتُزعجه عن فراشه ومجلسه إليها. ولا يزال يألف المعاصي، ويحبّها، ويؤثرها، حتّى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزّه إليها أزًّا. " (١).

وفي الخبر قال الرسول : (إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، عَسَلَهُ)، قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: (يَفْتَحُ اللهُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ) (٢).

فما أعظم أن يجعل المؤمن العمل الصالح سجيّته، وأن يترفّع عن سفاسف الأمور إلى معاليها، ففي


(١) الجواب الكافي ص: ١٤٠.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢٩/ ٣٢٣/ ح ١٧٧٨٤)، وأخرج نحوه ابن حبان في صحيحه (٢/ ٥٤/ ح ٣٤٢)، وأخرجه الترمذي بلفظ (استعمله) (٤/ ١٨/ ح ٢١٤٢). وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة وقال: "صحيح على شرط مسلم" (٥٦١/ ح ١١١٤).

<<  <   >  >>