يُقدرها ولا يحبها ولكن يبتلي بها عبده عدلاً وحكمة، ولا يضره كرهها كما قال تعالى:(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا)(الأحقاف: ١٥) فالأم قد تكره الحمل والولادة وتوابعها لما فيها من ألم ومشقة ويكره المريض المرض وما يصاحبه من آلام لكن يُستحب الرضا ولا يجب عليه، كأن يكون شعوره بوجوده وعدمه سواء لما في ذلك من كمال التسليم، ولا يتعارض ذلك مع دفع المرض ومعالجته لما يسببه من ألم ونحوه والدعاء والابتهال إلى الله برفعه (١).
الخلاصة: يجب الرضا بالقدر فهو كل ما قدره الله وكتبه في اللوح المحفوظ، ويجب الرضا بالقضاء كله فهو فعل الله قائم بذاته وهو ما أنفذه الله من القدر، فكل ما قضاه الله فهو الحكمة والعدل والخير. وكذلك يجب الرضا بالمقضي الشرعي لأنها مقدورات الله التي حَكم بها وشرعها. أما المقضي الكوني ففيه ما يجب الرضا به ومنه ما لا يجب الرضا به ومنه ما يستحب الرضا به كما سبق تفصيله.
فالقلب المليء بالرضا، الفيّاض بالشكر، يقرّبه الله ويجتبيه، ويتقبّل منه أحسن ما عمل ويرضيه وإن استشعر الآلام وكره المشقّة ومعوقات الطريق، فذلك لا يُنافي الرضا ما لم يجزع ويتسخّط.