للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابه بيمينه، لقد كان على يقينٍ بأنه سيُلاقي ذلك الجزاءَ فإنَّ الله لا يُضيعُ أجرَ من أحسنَ عملاً فتراه رافعاً رأسَه بابتهاجٍ في أسعدِ موقفٍ مرَّ عليه منذ يوم خُلقَ قائلاً كما حكى عنه ربه ﷿: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩ - ٢٠] قال الحسن البصري: "إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل " (١).

فحسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويتقبلها منه ويثيبه عليها، فكلما أحسن ظنه بربه أحسن عمله تبعاً لذلك، قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ٤٥ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُّلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ٤٥ - ٤٦]. فالذين استيقنوا من لقاء ربهم وعلموا أنهم ملاقوه للحساب أحسنوا العمل وهو في حدّ ذاته إحسان ظن نابع من قلوبهم دافعٌ إلى حسن العمل. وهنا يمكن أن نستنبط من لفظ

﴿يَظُنُّونَ﴾ ومعناه يستيقنون (٢) إشارة خفيه إلى حسن الظن، لأن اليقين بلقاء الله مستلزم لحسن الظن به (٣)، وهو ما يدعو


(١) صفة النفاق وذم المنافقين للفرياني ص: ١٢٩، و الجواب الكافي ص: ٢٥.
(٢) ينظر تفسير ابن ابي حاتم (٢/ ٤٧٦)، وتفسير السمر قندي (١/ ٤٩).
(٣) فحسن الظن بالله إيمان به ويقين بلقائه، وسوء الظن بالله كفر قال تعالى ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [الفتح: ٦]. ينظر إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح الفوزان (٢/ ٢٤٠).

<<  <   >  >>