بأن تفضيل الآخرة أكبر وأعظم، وهو أجلّ وأعلى، وإذا كان التفضيل في الدنيا مبنيّ على مقتضى حكمة الله تعالى وعدله ولا علاقة له بالقبول، فإن التفضيل في الآخرة مبنيٌّ عليه وعلى ما يقتضيه من تفاضل ما في القلوب، والسعي إلى الله وسائر الأعمال مما يزيد من ذلك ويرفعه. وإن نظرنا إلى المحصّلة من ذلك نرى كيف أن تفاوت ما في القلوب درجات بالغة التفاوت بدءاً من قلبي الخليلين ونزولاً إلى قلب صاحب البطاقة (١) بل إلى قلوب من دخل النار من الموحدين الذين لم يغادر الإيمان قلوبهم ولو بنسب ضئيلة. ثم انظر إلى السعي لكلٍّ من هؤلاء. فعلى هذا تُبنى درجات القبول التي بها ينال العبد درجته في الجنة والله تعالى أعلم.
فالحاصل أن درجات القبول متفاوتة ومرتبطة بدرجات الجنة فأعلى الدرجات لمن حاز من القبول أعلاه. ولا يُتصور شرعاً ولا عقلاً أن يتقبل الله العبد القبول الحسن ثم يجعله في أدنى الدرجات في الجنة.
فالقبول بعد فضل الله تعالى متعلق بأمرين:
• بعدل الله تعالى الذي لا يغادر مثقال الذرة.
(١) في حديث البطاقة المشهور، سبق ذكره في المبحث الأول من الفصل الثالث في الترغيب في الاستغفار.