للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بانصباب وابل اللعنات عليهم لبشاعة ما أقدموا عليه من خيانة لربهم، وجحود لوليّ نعمتهم، قيل: يُوقَفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْعَنُهُ اللَّهُ، ثُمَّ تَلْعَنُهُ الْمَلائِكَةُ، ثُمَّ يَلْعَنُهُ النَّاسُ أَجْمَعُونَ (١)، وذلك كما قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨].

وانظر إلى التعبير بكبَر المقت وما يوحي به من شدة البغض والكراهية وما فيه من استشعار لإغلاق أبواب القبول، وإيصاد منافذ الرحمة يوم القيامة في وجه من جادل في آيات الله تعالى ليبطلها بغير بيّنة ولا حجّة، وذلك في قوله: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: ٣٥]. وفي الآية تصوير لعظم الفعل، وشناعته وكأنه لفرط قبحه هو المقت عينه (٢)، فكأنه مخلوق شديد القبح قد غُلّف به قلب ذلك المتكبر كالران والصدأ فيُطبع عليه فلا يدخله خير ولا يخرج منه خير.

* * * *


(١) ينظر تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٦٩٩)، وتفسير الطبري (٣/ ٢٦٢)، وتفسير السمعاني (١/ ٣٣٩).
(٢) ينظر معجم وتفسير لغوي لآيات القرآن لحسن الجمل (٤/ ٢٥٩)، وفتح القدير للشوكاني (٤/ ٥٦٤).

<<  <   >  >>