للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلت الآية الكريمة على عظيم التفاوت في درجات الجنة ترغيباً في إحراز أعلى الدرجات، فما بين كل درجة والتي تليها كما بين السماء والأرض قَالَ رَسُولَ اللهِ : (إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (١).

كما بيّن النبي بُعد المسافة بين كل درجة وأخرى في الحديث الصحيح بأن أهل الجنة يتراءون من هم أعلى منهم في الدرجات كالكوكب الغابر في السماء فقال : (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنُ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنُ الْكَوْكَبَ الدَّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ) (٢).

وفي قوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ٧ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ٨ وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ ٩ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ١٠ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ٧ - ١١].

بيان للتفاوت بحسب الأعمال فالسابقون هم الذين سبقوا بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ وَتَرَكُوا مَا لَا بَأْسَ بِهِ خَوْفًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ، وَمَا زَالُوا يَتَقَرَّبُونَ ففاقوا غيرهم إيماناً و عملاً وامتثالاً وهم الأنبياء والرّسل والصّديقون والشهداء وأمثالهم وهم في أعلى المنازل، وأصحاب الميمنة في منزلة أدنى في الجنة وهم الَّذِينَ اقْتَصَرُوا عَلَى الْتِزَامِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤/ ١٦/ ح ٢٧٩٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، (٤/ ١١٩/ ح ٣٢٥٦)، وأخرج نحوه مسلم (٤/ ٢١٧٧/ ح ٢٨٣١).

<<  <   >  >>