للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ، ثم خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بلغني، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ماء، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ ذِات كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) (١).

يُلاحظ أن الحديث الشريف لم يعرّج على طبيعة عمل الرجل الذي سقى الكلب بل غض الطرف عنه مما يعني أن الله غفر له على ما كان من عمل مادام على الإيمان بالله.

قال صاحب عمدة القاري " فَشكر الله لَهُ حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة. قَوْله: فَشكر الله لَهُ، أَي: أثنى عَلَيْهِ أَوْ قبل عمله، فغفر لَهُ، فالفاء فِيهِ للسَّبَبِيَّة، أَي: بِسَبَب قبُول عمله غفر لَهُ … وَيجوز أَنْ تكون الْفَاء تفسيرية، تَفْسِير قَوْله: فَشكر الله لَهُ لِأَن غفرانه لَهُ هُوَ نفس الشُّكْر " (٢).

ويؤيد ذلك حديث البَغِيّ التي سقت الكلب قال : (أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا) (٣).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٣/ ١١١/ ح ٢٣٦٣).
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١٢/ ٢٠٦).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/ ١٧٦١/ ح ٢٢٤٥). قال النووي والموق بِضَمِّ الْمِيمِ هُوَ الْخُفُّ (١٤/ ٢٤٢/ ح ٢٢٤٥) ..

<<  <   >  >>