للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلية وهي سمة التقوى (١) ويتفاوت الناس في تحقيقها كذلك ويترقّون في معارجها.

وكما قيل في الإحسان من حيث الخصوص والعموم يُقال في التقوى ولذلك ذكرتهما في القبول الخاص لأفراد وفئات في منازل المقبولين، فالتقوى كالإحسان من حيث أنها تستغرق جميع أنواع العبادات والمعاملات والأخلاق، فالتقوى أخص من الإيمان من حيث العمل بها وتطبيقها، فقد يتقي العبد ربه في أمور ويفرط في أخرى، لكن لا يكون مؤمناً بأمور من الدين كافراً بأخرى.

والذي يظهر أن الفرق بين الإحسان والتقوى وكلاهما عام مستغرق جميع مناحي الدين والحياة ولكن التقوى هي الإتيان بالعمل على وجه الإجزاء على الغالب، اتقاء للمساءلة ودفعاً للعقاب، أما الإحسان فهو ما كان الإتيان به على وجه الكمال والتمام حباً للوصول إلى أعلى المراتب.

* * * *


(١) هذا لا ينافي تغاير معنى التقوى بحسب السياق، قال ابن جزي: " درجات التقوى خمس: أن يتقي العبد الكفر، وذلك مقام الإسلام، وأن يتقي المعاصي والحرمات وهو مقام التوبة، وأن يتقي الشبهات، وهو مقام الورع، وأن يتقي المباحات وهو مقام الزهد، وأن يتقي حضور غير الله على قلبه، وهو مقام المشاهدة " تفسير ابن جزي (١/ ٦٩)، ولعله يعني بمقام المشاهدة الإخلاص ودوام استحضار مراقبة الله له ومشاهدته لعمله.

<<  <   >  >>