وقيل عنه إنه:" إنما أُعْطِيَ مَا أُعْطِيَ بأربع خصال كَانَ فيه: كَانَ إِذَا قدَر عفا، وَإِذَا وعد وفى، وَإِذَا حدّث صدق، ولا يجمع اليوم لغد"(١).
وثمة لطائف تُفصح عن نفسها عند التمعن في قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ [الكهف: ٩٨]. فقد ورد لفظ ﴿رَبِّي﴾ في هذه الآية القليلة الحروف العظيمة المعاني ثلاث مرات مما يُشعر بأن ذا القرنين كان شديد التوكل على الله والتعلق به، والمحبة له، والوثوق بما عنده أكثر مما هو بين يديه مما سخره الله له، وهذه الخُلة الجليلة من أعظم ما يحب الله في العبد، أن لا يغتر بما آتاه، أو ينظر إلى ما لديه نظرة عُجب واستعظام وهو الذي ملك الأرض مشارقها ومغاربها في زمانه، وفي قوله تعالى حكاية عنه: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ تتجلى صفة الاعتراف بنعم الله وفضله التي ينكرها كثير من طغاة الأرض إذا مكّن الله لهم.
وفي قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ كمال التسليم واليقين والاعتراف بالضعف أمام قوة ذي العزة والجبروت القاهر فوق عباده.
(١) تفسير ابن أبي حاتم (٧ - ٢٣٨٢)، والدر المأثور (٥/ ٤٣٩).