- أمرها الله تعالى بالعبادة فامتثلت خير امتثال قال تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: ٤٣]. فوهبت نفسها لذلك وامتثلت لما أمرت به شكراً لربها. فشهد لها تعالى بالقنوت والعبادة حيث كانت القانتة العابدة (١) كما قال ﷿: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: ١٢].
- وشرفها الله تعالى بالارتقاء إلى مرتبة الصديقية في القرآن حيث قال: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ?﴾ [المائدة: ٧٥]. وقيل: سميت مريم ﵂ صدّيقة، لأنها كثيرة الصدق وهي التي صدقت بآيات الله وكتبه (٢).
وهي العفيفة الطاهرة التي أحصنت فرجها فقال تعالى فيها: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: ١٢].
وهي التي كملت في الفضائل والأخلاق فكانت من الكاملات الصالحات مما يندر ذلك في النساء قال النبي ﷺ:(كَملَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)(٣) وذلك لما تحلت به من خصال البر والتقوى (٤).
(١) ينظر تفسير السعدي ص: ١٣٠، وتفسير السمعاني (٥/ ٤٨٠). (٢) ينظر تفسير البغوي (معالم التنزيل في تفسير القرآن) (٢/ ٧٢). (٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٤/ ١٦٤/ ح ٣٤٣٣). (٤) ينظر شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ لِلقَاضِى عِيَاض المُسَمَّى (إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم) (٧/ ٤٤٠).