وفي قوله ﷺ:(ما اجتنبت الكبائر) "قيل: إن هذا شرط في تكفير الصغائر، فلا تكفر الصغائر إلا بشرط اجتناب الكبائر، ومنهم من قال: إنها تكفر ما بينها إلا الكبائر. أما الكبائر فإنها لا تغفر إلا بالتوبة النصوح، أو بالحدود المقدرة؛ فإن الحدود كفارات لأهلها، أو برجحان الحسنات، فقد يكون للعبد حسنات عظيمة ترجح بما عليه من سيئات هذا ما يتعلق بالكبائر. " (٢).
فقد تضمنت نصوص الوعيد في القرآن والسنة أنواعاً من العقوبة التي تنخلع لها القلوب، وترجف لهولها الأبدان، وذلك لمقترف الكبيرة كالخلود في النار، وتضمنت بعض النصوص في السنة نفي الإيمان عن صاحبها، والبراءة بما أنزل على محمد ﷺ أو الوعيد بالنار أو اللعنة أو الغضب أو المقت أو السخط أو حبوط العمل أو ما شابه ذلك من ألفاظ وردت في الكتاب والسنة، ولكن ثمة موانع ذكرها الشارع نفسه وهي أن الإيمان بالله يقتضي منع الخلود.
فكفر صاحب الكبيرة كفر عملي لا اعتقادي (٣) وقد حمل العلماء الوعد بالخلود بسببها على المكث الطويل الذي لا يعلم مداه إلا الله، وهو تعبير سائغ في كلام العرب وكما قال
(١) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٥/ ٢٧٧). (٢) شرح العقيدة الطحاوية للبراك ص: ٢٥٤. (٣) ينظر موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (١٠/ ٤١١).