للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعله يكبُر في عينه ويُدِل به، ويحسب أنه لا شك في ثوابه وعظيم أجره.

قال ابن القيم: "رِضَاءُ الْعَبْدِ بِطَاعَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ ظَنِّهِ بِنَفْسِهِ، وَجَهْلِهِ بِحُقُوقِ الْعُبُودِيَّةِ " (١) ولاشك أن هذا الأمر من أخطر الأمور وما خرج من خرج عن الدين من العباد والنسّاك إلا برؤية العمل والافتتان به، فَذَنْبٌ تَذِلُّ به، أَحَبُّ إِلى الله من طَاعَةٍ تُدِلُّ بِهَا، فرب طاعةٍ أورثت عُجباً واستكباراً فأدخلت صاحبها النار (٢)، لأنه اغتر بها وركن إليها، وربما قطع على الله ﷿ أنه سيدخله الجنة بسببها. ومن المعلوم أن الطاعات كلها لا تساوي نعمة واحدة من نعم الله ﷿، بل هي من جُملة النعم فلا يغتر العبد بحسن عمله؛ فإن الله تعالى الذي مكّنه منها وسخر لها جوارحه وأصحّ له بدنه وهيأ له جميع السبل لأدائها، فلا فضل له في هذه الطاعة قط، ولذلك فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة: الرجاء لأهل الطاعة أن يُدخلهم الله الجنة، وحُسن الظن بالله تعالى أن يَلقى أهل طاعته بقبول حسن، فينبغي للمرء أن يحمد الله على التوفيق للطاعة ولا يستكثرها. وألا ينظر لأهل المعاصي بنظرة علوٍ أو تفضيل فرب معصيةٍ أدخلت صاحبَها الجنة وذلك لانكساره وذُله وندمه وتوبته بعد فعلها، أما إن مات ولم يتب منها فهو تحت المشيئة (٣).


(١) مدارج السالكين (١/ ١٩٢).
(٢) ينظر التيسير بشرح الجامع الصغير لزين الدين المناوي (١/ ٢٦٢).
(٣) ينظر مدارج السالكين (١/ ٦٩)، ومقاصد الرعاية لحقوق الله ﷿ للعز بن عبد السلام ص: ١٦٤.

<<  <   >  >>