بذلك، وصنفوا في ذلك مصنفات متعددة، وقالوا:«منه بدأ وإليه يعود».
وأوَّل مَنْ عُرف أنه قال: مخلوق-الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان.
وأول مَنْ عُرف أنه قال: هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول؛ فمنهم مَنْ قال: الكلام معنى واحد قائم بذات الرَّبِّ، ومعنى القرآن كله والتوراة والإنجيل وسائر كتب الله وكلامه هو ذلك المعنى الواحد الذي لا يَتعدد ولا يتبعض، والقرآن العربي لم يتكلم الله به، بل هو مخلوق خلقه في غيره.
وقال جمهور العقلاء: هذا القول معلوم الفساد بالاضطرار؛ فإنَّه مِنْ المعلوم بصريح العقل أن معنى (آية الكرسي) ليس معنى (آية الدَّيْن)، ولا معنى ﴿قل هو الله أحد﴾ معنى ﴿تبت يدا أبي لهب وتب﴾؛ فكيف بمعاني كلام الله كله في الكتب المنزلة وخطابه لملائكته وحسابه لعباده يوم القيامة وغير ذلك من كلامه؟!
ومنهم مَنْ قال: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية لازمة لذاته لم يَزل ولا يزال موصوفًا بها.
وكلا الحزبين يقول: إن الله تعالى لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وإنه لم يزل ولا يزال يقول: يا نوح، يا إبراهيم، يا أيها المزمل، يا أيها المدثر، ولم يقل أحد من السلف بواحد من القولين، ولم يقل أحدٌ من السلف: إنَّ هذا القرآن عبارة