وأما المذهب الثالث: وهو التوقف عن المفاضلة بينهم، فهو رواية عن مالك، ففي المدونة قال ابن القاسم:«وسألت مالكا عن خير الناس بعد نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، فقال: أبو بكر ثم قال: أو في ذلك شك؟ قال ابن القاسم: فقلت لمالك: فعلي وعثمان أيهما أفضل فقال: ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على صاحبه-يعني عليا وعثمان-ويرى الكف عنهما»(١)
وروى ابن عبد البر بسنده أن مالكا سئل: من تقدم بعد رسول الله؟ قال أقدم أبا بكر وعمر ولم يزد على هذا. وروى أيضا قول مالك:«ليس من أمر الناس الذين مضوا عليه أن يفاضلوا بين الناس»(٢) وروى اللالكائي بسنده أن مالكا سئل عن علي وعثمان فقال: «ما أدركت أحداً ممن يقتدى به إلا وهو يرى الكف عنهما، يريد التفضيل بينهما، فقيل له: فأبو بكر وعمر فقال: ليس في أبي بكر وعمر شك، يريد أنهما أفضل من غيرهما»(٣)، وقد ذكر ابن تيمية أن مالكاً رجع عن التوقف إلى تفضيل عثمان ثم علي فقال: «أما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما وهي
(١) المدونة ٦/ ٤٥١. (٢) الانتقاء ٣٠، ٣٩. (٣) شرح أصول الاعتقاد ٧/ ٣٦٨.