وكذلك ماذا يصنع بقوله تعالى ﴿ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية﴾ [الحاقة ١٧]، أيقول: ويحمل ملكه يومئذ ثمانية؟
وقوله ﷺ: «فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" (١). أيقول آخذ بقائمة من قوائم الملك؟ وكذا قوله ﷺ: «اهتز عرش الرحمن"(٢)، أيقول: اهتز ملكه وسلطانه؟
القول الثاني:
زعم طائفة من الفلاسفة أن العرش فلك مستدير من جميع الجوانب محيط بالعالم من كل جهة، وهو محدود الجهات، وربما سموه الفلك الأطلس، أو الفلك التاسع، أو الأثير، أو الفلك الأعلى (٣).
وفي ذلك يقول ابن سينا في رسالته " إثبات النبوات وتأويل رموزهم وأمثالهم": (ومن السهل عليك أن تفهم كيف أن العرش بنص القرآن يحمله ثمانية، فهذه الثمانية هي: الثمانية أفلاك التي تحت هذا الفلك المحيط)(٤).
(١) تقدم تخريجه في (ص ٧). (٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢/ ٣٧١). وأحمد في المسند (٣/ ٣١٦)، وفي فضائل الصحابة (٢/ ٨١٨). والبخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب مناقب سعد بن معاذ ﵁، مثله. فتح الباري (٧/ ١٢٢ - ١٢٣). ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة (٧/ ١٥٠). وابن ماجة في سننه، المقدمة (١/ ٥٦). (٣) البداية (١/ ١١)، الرسالة العرشية (ص ٢)، مفردات (ص ٣٢٩)، روح المعاني (٢٤/ ٤٥). (٤) نقلاً عن كتاب "ابن سينا بين الدين والفلسفة" (ص ١٣٧ - ١٣٩).